من دعم العملاء إلى تدريب الذكاء الاصطناعي: تطوّر الوظائف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عام 2024
• Customer Support
• FastBank

قال الفيلسوف اليوناني هيراقليطس: "الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير المستمر". وهذا ينطبق بشكل خاص على الوظائف الخاصة بمجال خدمة العملاء اليوم. مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي (AI)، فإن مجال خدمة العملاء يتحول بطرق كانت تبدو في يوم من الأيام خيالاً علمياً.
يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول عام 2025، يمكن أن يتسبب الذكاء الاصطناعي في إزاحة حوالي 85 مليون وظيفة على مستوى العالم، ولكنه في المقابل سيخلق 97 مليون وظيفة جديدة تركّز على مهارات مثل حل المشكلات، والذكاء العاطفي، والإبداع.
تُحدث روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي ثورة في كيفية تفاعل الشركات مع العملاء، حيث تتعامل مع الاستفسارات الروتينية بسرعة ودقة. بالنسبة للبعض، يحمل هذا التطور مستقبلًا من الكفاءة المحسنة والخدمة الشخصية. بالنسبة للآخرين، فإنه يثير مخاوف من فقدان الوظائف واللمسة البشرية. ومع ذلك، فإن هذا التحول لا يعني نهاية وكلاء الدعم البشريين؛ بل يشير إلى بداية عصر جديد تصبح فيه أدوارهم أكثر ديناميكية وتأثيراً.
في هذه المقالة، نستكشف كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مسارات الوظائف في خدمة العملاء، موازناً بين الابتكار التكنولوجي والقيمة المستمرة للخبرة البشرية.
دور الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
كما أثبتت الأشهر الأخيرة للعالم أجمع، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء ليس مجرد وسيلة عابرة؛ بل هو تحوّل جذري مدعوم ببيانات قوية وحلول واضحة.
تتوقع شركة Gartner أنه بحلول عام 2025، ستطبّق 80٪ من منظمات خدمة العملاء والدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل من الأشكال لتحسين إنتاجية الوكلاء وتعزيز تجربة العملاء (CX).
تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائف خدمة العملاء
وفقًا لتقرير HubSpot، يعتقد 79٪ من محترفي خدمة العملاء أن أدوات الذكاء الاصطناعي والأتمتة ضرورية لتعزيز استراتيجيتهم، حيث يرى الكثيرون تحسّنًا في الإنتاجية ورضا العملاء.
ومع ذلك، يشعر العديد من وكلاء خدمة العملاء بالقلق بشأن البقاء في وظائفهم وطبيعة أدوارهم المتغيرة. في حين يمكن للذكاء الاصطناعي إدارة العديد من التفاعلات مع العملاء بكفاءة، إلا أنه يفتقر إلى التعاطف والفهم الدقيق الذي يقدمه الوكلاء البشريون. يشبه الأمر الفرق بين نظام تحديد المواقع (GPS) الذي يقدم لك الإرشادات والشخص الذي يقودك عبر حيّه؛ كلاهما يمكن أن يصلك إلى وجهتك، ولكن الشخص المحلي يقدم تجربة أكثر ثراءً وتخصيصًا.
باختصار، إن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدّين: ففي حين توفر الشركات المال وتحسّن الكفاءة، يجب على الموظفين التكيّف وتعلم مهارات جديدة للبقاء في دائرة الصدارة.
رفع المهارات وإعادة تأهيل القوى العاملة
على الرغم من أن مهارات خدمة العملاء التقليدية لا تزال ضرورية، إلا أنها لم تعد كافية بمفردها. يجب على الموظفين الآن فهم تعقيدات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها للانتقال بفعالية إلى الأدوار الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي. يتطلب ذلك اكتساب مهارات متخصصة تربط بين دعم العملاء التقليدي والتكنولوجيا المتقدمة. هذا التحول في حد ذاته أوجد الحاجة إلى دور مدرّب الذكاء الاصطناعي ليكون المسؤول عن تطوير وتعزيز بيانات التدريب، وذلك لتحسين دقة وكفاءة نماذج الذكاء الاصطناعي.
ولكي يصبح الموظفون مدربين في مجال الذكاء الاصطناعي، يتعين عليهم التركيز على تطوير المهارات المطلوبة من خلال الخبرات التعليمية والمهنية المستهدفة. وقد يشمل ذلك الالتحاق ببرامج تدريبية متخصصة وشهادات تتعلق بالذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، والتي توفر مسارات تعليمية منظمة وشهادات معتمدة في هذا المجال. تقدم العديد من المؤسسات والمنصات الإلكترونية دورات تدريبية في التعلم الآلي وعلوم البيانات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي مصممة خصيصًا للأفراد الذين يطمحون إلى أن يصبحوا مدربين في مجال الذكاء الاصطناعي.
مسارات وظائف الذكاء الاصطناعي المتقدمة من أجل المستقبل
من المرجح أن يتم تحديد مستقبل وظائف خدمة العملاء من خلال نهج مرِن، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي إدارة الاستفسارات الروتينية بينما يتعامل الوكلاء البشريون مع القضايا الأكثر حساسية. يتطلب هذا التطور التعلم المستمر والتكيف من وكلاء خدمة العملاء للبقاء على صلة في بيئة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن يتزايد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، حيث يخطط 64٪ من قادة فِرَق الدعم لتعزيز كفاءة فرقهم من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي.
فيما يلي عدة مسارات وظيفية مستقبلية ستبرز في مجال الذكاء الاصطناعي:
-
مدرب الذكاء الاصطناعي: يقوم مدرب الذكاء الاصطناعي بتطوير وتحسين مجموعات البيانات التدريبية لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يضمن استخدام بيانات عالية الجودة لتحسين دقة النماذج. فهو يقوم بضبط الخوارزميات، وتقييم نتائج الذكاء الاصطناعي، وتصميم السيناريوهات لتحسين أداء النظام وتفاعلات المستخدم.
-
مستشار دمج الذكاء الاصطناعي: يساعد مستشار دمج الذكاء الاصطناعي المنظمات في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بسلاسة في عمليات خدمة العملاء. فهو يقدم المشورة الاستراتيجية والدعم الفني لضمان تكامل أدوات الذكاء الاصطناعي مع الأنظمة الحالية وتحسين الكفاءة العامة.
-
مدير التعاون بين البشر والذكاء الاصطناعي: يتولى هذا الدور إدارة التفاعل بين أنظمة الذكاء الاصطناعي ووكلاء خدمة العملاء البشريين. يضمن المدير أن تعزز أدوات الذكاء الاصطناعي أداء البشر، مما يخلق بيئة عمل منتجة ومنسجمة حيث يمكن لكل من الذكاء الاصطناعي والوكلاء البشريين النمو والتطور.
-
مُرشد التعلم المستمر: يقوم مُرشد التعلم المستمر بتصميم وتنفيذ برامج تدريبية للحفاظ على تقدّم محترفي خدمة العملاء بأحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي. يضمن أن يطور الموظفون مهاراتهم باستمرار للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي بفعالية في أدوارهم.
-
محلل تجربة العملاء: يقوم محلل تجربة العملاء بمراقبة وتقييم التفاعلات بين العملاء وأنظمة الذكاء الاصطناعي أو الوكلاء البشريين. فهو يحلل البيانات لتحديد الاتجاهات ومجالات التحسين وذلك بهدف تعزيز تجربة العملاء الشاملة.
-
مسؤول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: يضمن مسؤول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي أن يتم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء بمسؤولية وبشكل أخلاقي. يقوم بحماية خصوصية العملاء وتعزيز العدالة والحفاظ على الشفافية في عمليات الذكاء الاصطناعي.
-
مدقق أداء الذكاء الاصطناعي: يقوم مدقق أداء الذكاء الاصطناعي بمراجعة وتدقيق أنظمة الذكاء الاصطناعي بانتظام لضمان توافقها مع معايير الأداء. فهو يقوم بتحديد المشكلات أو التحيزات في ردود الذكاء الاصطناعي ويوصي بتعديلات لتحسين الدقة والموثوقية.
في الختام
مع انتشار الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، تتزايد المخاوف بشأن إمكانية إزاحة بعض الوظائف، لا سيما في أدوار خدمة العملاء. ولكن بدلاً من رؤية الذكاء الاصطناعي كتهديد، فمن الضروري اعتباره فرصة للتطور الوظيفي.
إن دمج الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء يخلق أدوارًا ومسارات وظيفية جديدة كانت غير قابلة للتخيل من قبل. من خلال إعادة تأهيل المهارات والتكيف مع هذه الأدوار الناشئة، مثل مدربي الذكاء الاصطناعي أو ممارسي تنسيق البيانات، يمكن لمحترفي خدمة العملاء تحويل مساراتهم المهنية والاستمرار في إضافة قيمة إلى المشهد المتغير.